4- الحسابات الفلكية وإثبات شهر رمضان - Templat mirip Yahoo
Headlines News :
Home » » 4- الحسابات الفلكية وإثبات شهر رمضان

4- الحسابات الفلكية وإثبات شهر رمضان

Written By Pelatihan blog on Sabtu, 21 Januari 2012 | 02.40

فعلى سبيل المثال: بالنسبة لإفطار الصائم فإن المطلوب هو تحري الدقة و التأكد من غياب الشمس, كذلك الحال بالنسبة للإمساك فالمطلوب هو تحري الدقة و التأكد من دخول وقت الفجر. و في وقت النبي ( ص ) كانت الغاية نفسها محققة باستخدام الأساليب التي كانت متاحة لديهم. أما في وقتنا الحاضر فإن الغاية نفسها محققة باستخدام الحسابات الفلكية و الساعات, و الأمة جمعاء إتفقت على استخدام الحسابات الفلكية في أمور الدين فيما يتعلق بفرائض و عبادات مثل الصيام و الصلاة. فالفرائض هي ثابتة و الوصول إلى أدائها بدقة متغير بحسب الوضع العام. هذه هي الشريعة الإسلامية المرنة غير الجامدة والتي تتماشى مع تطورات العصر و تساير التقدم البشري فالشريعة الإسلامية ليست جامدة بل مرنة, سهلة, ميسرة الفرض فيها هو الفرض في كل العصور لكن الوسيلة في تحقيقه بدقة وأدائه كما أراده الله عز وجل هي المتغيرة بحيث تتماشى مع تغيرات و تطورات العصر.

و يعارض بعض المسلمين المعاصرين الفكرة السابقة وهي الوصول إلى الهدف بوسيلة أخرى متاحة و متوفرة في هذا العصر بتبني مقولة ( الغاية لا تبرر الوسيلة ) و يضربون أمثلة على هذا بقولهم أن الشريعة الإسلامية حددت كذلك بعض المعاني و الوسائل للوصول إلى غايات و أهداف إسلامية مثل الكسب الحلال و النفقة على العائلة. لكن من غير المسموح للمسلم أن يقوم بأعمال غير شرعية أو غير مسموح بها في الإسلام كالسرقة مثلاً بحجة أنه يعول عائلته الذي هو في الأصل غرض و هدف شرعي. كذلك الحال بالنسبة للغاية الشرعية في التناسل و حفظ الذرية فإنه من غير الممكن أو المسموح أن يتبع الفرد وسيلة غير شرعية لتحقيق هدف شرعي فلا يستطيع أن يقوم بالزنى للوصول إلى معنى الإنجاب والذرية.

لكن هذه النظرية و هذه الأمثلة لا تنطبق على موضوعنا في ابتاع الحسابات الفلكية ذلك بأن إعالة العائلة بأساليب غير شرعية كالسرقة مثلاً مرفوض قطعاً حيث أن حرمة السرقة وردت واضحة و حرمت بشكل لا يقبل التأويل سواءً في القرآن أوالسنة. كذلك الحال بالنسبة لارتكاب الزنى إدعاءً للحفاظ على التناسل, لأن ذلك الفعل ألا وهو الزنى محرم بنفسه وواضح تحريمه في الشريعة الغراء دون جدال ولا نقاش ولا تأويل. لهذا السبب فإن الوسيلتان اللتان ذكرناهما محرمتان في تحقيق الغاية الشرعية لأنهما محرمان بنفسيهما في الشريعة. فهو لا ينطبق على كلامنا عن الحسابات الفلكية. كما أنه هناك أمثلة كثيرة في القرآن الكريم والتي تندرج تحت نفس الروح وهي تحقيق الهدف و الفرض المحدد في الشريعة بالوسائل المتاحة في كل زمان و مكان حتى وإن كانت مخالفة للوسائل المذكورة في النص الشرعي لأن الغاية هي المفروض تحقيقها و ليس الوسيلة, ذلك إذا لم تكن الوسيلة محرمة لذاتها كما أسلفنا.
ففي الآية الكريمة في سورة الأنفال:

"وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِۦ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَىْءٍ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ". (الأنفال:60)

فالله سبحانه و تعالى في هذه الآية الكريمة ذكر بوضوح أن إعداد الخيل هو القوة و هو من الأساليب المتخذة لترهيب و إخافة العدو. إلا أن الرسول ( ص ) ذكر بوضوح و صراحة أن السهام هي القوة حيث قال ( ص ):
"حدثنا أبو كريب، قال: ثنا سعيد بن شرحبيل، قال: ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، وعبد الكريم بن الحرث، عن أبي عليّ الهمدانيّ، أنه سمع عقبة بن عامر على المنبر يقول: قال الله: وأعِدُّوا لَهُمْ ما اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الخَيْلِ ألا وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر «قالَ اللَّهُ: وأعِدُّوا لَهُمْ ما اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ألا أنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ ألا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ» ثَلاثا".

كما أن عكرمة مفسر القرن الأول المشهور شرح أن الأية تعني أناث الخيول.
"حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن شعبة بن دينار، عن عكرمة، في قوله: وأعِدُّوا لَهُمْ ما اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوةٍ قال: الحصون. وَمِنْ رِباطِ الخَيْلِ قال: الإناث".

في وقتنا الحالي و حروبنا الحالية سيكون من الغباء استخدامنا لهذه الأساليب لإخافة العدو, ليس من الغباء فحسب بل من المناقض للأية الكريمة, حيث أن الغرض من الآية و الفرض الذي فرضه الله علينا هو إخافة العدو المقاتل و غير المقاتل,فإننا إذا اتبعنا نفس الأساليب المذكورة في الآية من إعداد الخيل أو ما ذكره ( ص ) من إعداد السهام فسيؤدي هذا ليس إلى عدم تحقيق الغاية من الآية بل إلى تحقيق نقيضها, أي أننا إذا فعلنا هذا في وقتنا الحاضر فإننا لن نكون قادرين على إخافة العدو المقاتل فحسب بل سوف نغري المقاتل بالاستمرار في قتالنا و سنغري غير المقاتل بقتالنا حيث أنه لا يوجد لدينا ما يخشى منه.

إذاً اتباع الأساليب المذكورة في القرآن والسنة لإخافة العدو في وقتنا الحالي ليس فقط لن يؤتي ثماره بل سيؤدي إلى نتائج عكسية فكأننا نضحي بالهدف في سبيل الحفاظ على الوسيلة.
قال ( ص ): ( المؤمن كيس فطن )

لذلك فإن تبني وسيلة معاصرة لتحقيق الهدف ليس فقط غير محرم بل هو فرض علينا أن نستخدم الأساليب الحربية في أيامنا. و لا يوجد أي نص شرعي يحرم علينا استخدام الدبابات والصواريخ و الطائرات الحربية. فهل هناك أي عاقل يطالب باستخدام الخيول والسهام في المعارك أيامنا هذه لأن الله سبحانه وتعالى و رسوله ( ص ) ذكراها في نصوص من القرآن و السنة.

كذلك الحال بالنسبة للحسابات الفلكية فهي وسيلة لتحقيق الهدف الشرعي ألا و هو تحري الدقة و اليقين. و إن رفض الأحاديث النبوية الشريفة قديماً مرتبط بعلة محددة و هي أن الغالبية العظمى في الأمة كانت أمية بالحسابات الفلكية المتطورة. كذلك كان الحال بالنسبة للأجيال التي لحقتها.

لقد كان فقهاء السلف على حق في رفض الحسابات الفلكية حيث أنها كانت غير صحيحة ولا تعتمد على علم صحيح دقيق بل كان القائمون عليها جماعة من المنجمين و السحرة. أما في وقتنا الحاضر فإن الحسابات الفلكية لم تعد من اختصاص المشعوذين أو السحرة أو المنجمين بل هي علم خاص يقوم به علماء الفلك. الذين يقدمون نظرياتهم على أسس الحقائق والمشاهدات العلمية. حيث أن نسبة الخطأ في هذه الحسابات هي الصفر تقريباً. فإذا فهمنا أسباب رفض علماء السلف لها, فكيف نفهم رفض بعض العلماء المعاصرين لهذا العلم بعد أن وصل في القرن الواحد والعشرين في أمريكا و أوروبا إلى ذروته.

فعلى سبيل المثال قال الفقيه الحنفي زين الدين بن ابراهيم بن نجيم:

"نَقَلَ فِي الْإِمْدَادِ عَنْ شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَاهِنِ وَالْعَرَّافِ فِي الْحَدِيثِ مَنْ يُخْبِرُ بِالْغَيْبِ أَوْ يَدَّعِي مَعْرِفَتَهُ فَمَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ لَا يَجُوزُ , وَيَكُونُ تَصْدِيقُهُ كُفْرًا أَمَّا أَمْرُ الْأَهِلَّةِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَلْ مُعْتَمَدُهُمْ فِيهِ الْحِسَابُ الْقَطْعِيُّ فَلَيْسَ مِنْ الْإِخْبَارِ عَنْ الْغَيْبِ أَوْ دَعْوَى مَعْرِفَتِهِ فِي شَيْءٍ أَلَا تَرَى إلَى قوله تعالى { وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ }"ُ.

و ناقش الشيخ تقي الدين على بن عبد الكافي السبكي (683-756) هذا الكلام مستدلاً بالحديث و مستخلصاً بما لا يقبل الشك ما يلي:

"وَلَا يَعْتَقِدُ أَنَّ الشَّرْعَ أَبْطَلَ الْعَمَلَ بِمَا يَقُولُهُ الْحِسَابُ مُطْلَقًا فَلَمْ يَأْتِ ذَلِكَ , وَكَيْفَ وَالْحِسَابُ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا , وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الْكِتَابَةُ وَالْحِسَابُ , وَلَيْسَتْ الْكِتَابَةُ مَنْهِيًّا عَنْهَا فَكَذَلِكَ الْحِسَابُ".

أما في ما يتعلق بالقول يصعوبة إعتماد العامة على الحسابات الفلكية فعلينا أن نذكر أننا نعيش في عصر أصبح العالم فيه قرية صغيرة حيث تصل المعلومات إلى كل أنحاء العالم في دقائق بل في ثوان. لهذا فالكلام عن صعوبة هذا الإجراء كما قال الإمام النووي و غيره من العلماء لم يعد له مكان في وقتنا الحالي. في الواقع إن العكس هو الصحيح كما يرى الدكتور القرضاوي: فإن المسلمين حول العالم و خاصة في الغرب يعانون بشدة من اعتمادهم على الرؤية البصرية في تعيين الشهر. فبعضهم يضطر إلى الإنتظار حتى منتصف الليل ليستطيع معرفة ما إذا كان هذا آخر أيام رمضان و أن العيد في اليوم التالي أو أن اليوم ليس آخر أيام رمضان فيصلي التراويح إكمالاً لعدة الشهر. هذه الصعوبات تؤثر بشكل جدي على العمال و الموظفين و الطلاب المسلمين حيث يصعب عليهم تحديد يوم العيد الذي سيأخدونه إجازة من العمل أو المدرسة مما يخلق لهم مشاكل و إحراجات مع أرباب أعمالهم. لذلك فإن الاعتماد على الرؤية البصرية بدلاً من الحسابات الفلكية هي الطريقة الصعبة و الشاقة في أيامنا هذه و تؤدي إلى حرج شديد للمسلمين و ليس العكس.

أما بالنسبة إلى الحرج في استخدام الحسابات الفلكية في أمور الدين, فإننا نرى أنه قد تم الإقرار بالسماح باستخدام هذه الحسابات منذ وقت طويل في تعيين أوقات الصلوات الخمس و تعيين أوقات الإفطار و السحور و حتى في تعيين اتجاه القبلة. فمنذ وقت طويل لم يكتف العلماء بقبول الحسابات الفلكية في أمورالدين فقط بل طالبوا المسلمين بتعلمها.

"قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ عِلْمَ النُّجُومِ إلَى قِسْمَيْنِ : الْأَوَّلُ : حِسَابِيٌّ : وَهُوَ تَحْدِيدُ أَوَائِلِ الشُّهُورِ بِحِسَابِ سَيْرِ النُّجُومِ . وَيُسَمَّى مَنْ يُمَارِسُ ذَلِكَ الْمُنَجِّمَ بِالْحِسَابِ . وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ مُمَارَسَةِ التَّنْجِيمِ بِهَذَا الْمَعْنَى , وَتَعَلُّمِ مَا يُعْرَفُ بِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَالْقِبْلَةِ , بَلْ ذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إلَى أَنَّ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ . وَجَاءَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ : وَالْحِسَابِيُّ حَقٌّ , وَقَدْ نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ فِي قَوْلِ الْحَقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } . وَأَجَازَ الْفُقَهَاءُ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهِ فِي دُخُولِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَتَحْدِيدِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَقَالُوا : إنَّ حِسَابَ الْأَهِلَّةِ , وَالْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ قَطْعِيٌّ , فَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَجْرَى حَرَكَاتِ الْأَفْلَاكِ وَانْتِقَالَاتِ الْكَوَاكِبِ عَلَى نِظَامٍ وَاحِدٍ دَائِمٍ , وَكَذَلِكَ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ . وَالْعَوَائِدُ إذَا اسْتَمَرَّتْ أَفَادَتْ الْقَطْعَ , فَيَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا , وَفِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ".

و قد ذكر الفقيه الحنفي المعروف أحمد بن محمد الحموي منذ القديم ما يشابه ذلك القول بقوله:

"وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْحِسَابِ مِثْلُ ظُهُورِ الْهِلَالِ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ وَوُقُوعِ الْخُسُوفِ اللَّيْلَةَ الْفُلَانِيَّةَ فَإِنَّهَا أُمُورٌ حِسَابِيَّةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَرْصَادٍ وَاقِعَةٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي نَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم , وَيُؤَيِّدُهُ مَا يُجَوِّزُونَهُ مِنْ تَعْلِيمِ قَدْرِ مَا تُعْلَمُ بِهِ مَوَاقِيتُ الصَّلَاةِ وَالْقِبْلَةِ".

ربما هذه هي الأسباب التي جعلت الشيخ مصطفى الزرقاء يتعجب من العلماء الذين مازالوا يصرون على رفض الأخذ بالحسابات الفلكية لتعيين بداية الشهر من عدمه مع قبولهم الأخذ بتلك الحسابات في أمور عبادية أكثر أهميةً و تكراراً مثل الصلوات الخمس. لقد كان فقهاء السلف على حق في رفضهم للحسابات الفلكية في أيامهم؛ فالعلم وقتها لم يصل إلى هذه الدرجة من الدقة و الصحة كما هو الآن . لهذا لم يسعهم الاعتماد عليها في العبادات كالصيام لعدم دقتها الحتمية. فإذا كانوا على حق في ما ذهبوا إليه, فهل يصح لنا أن نعتمد رأيهم في أيامنا هذه بعد كل هذا الارتقاء و الصحة و الدقة لهذا العلم و بعد أن زالت كل الأسباب التي كانت تمنعهم من قبولها.
إن من المسلمات الفقهية و العامة أن الأسباب و المسببات تمشي دائماً جنباً إلى جنب وأن وجود العلة هو السبب في وجود الحكم فإذا زالت العلة زال الحكم و إذا زال المسبب زال السبب.

ضعف القول بالإكمال ثلاثين يوماً:

إكمال عدة الشهر ثلاثين يوماً في الطقس الغائم متفق عليه عند غالبية العلماء. و لكن مرة أخرى: هذا ليس هو البديل والموقف القطعي الوحيد الذي تعتمد عليه الأمة؟ فبعض الأئمة مثل ابن عمر و الإمام أحمد و آخرون كانوا لا يتمون عدة شعبان ثلاثين في الطقس الغائم, بل يبدؤون شهر رمضان بعد إتمام تسع و عشرين من شعبان, مع أن أغلب الروايات عن النبي( ص) قد تكررت فيها جملة "فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين".
كما أن من المثير للانتباه و الاستغراب في آن أن ابن عمر بذاته هو الذي يروى معظم الأحاديث النبوية الصحيحة مثل " لا تَصوموا حتّى تَرَوُا الهلالَ، ولا تُفْطِرُوا حتّى تَرَوْه، فإِن غُمَّ عليكم فاقدُروا له"

و في الواقع أن الصورة تتغير تماماً عندما نغوص في تفاصيل الموضوع و عندما نحلل تلك الأحاديث النبوية تحليلاً دقيقاً. في ما يلي سأحاول أن أعرض بعض هذه الروايات محاولةً مني لإثبات أنه حتى في ذلك الوقت أي وقت الصحابة لم يكن هناك إجماع بين الفقهاء على مسألة إكمال العدة.

فنلاحظ أن هناك عدد من الصعوبات الواردة في جزئية إكمال العدة في تلك الأحاديث. هذه الصعوبات لا يمكن فهمها و تقديرها إلا عندما ندرس الأحاديث النبوية بعمق و نحللها و نقارن بين نهاياتها.

"حدّثنا آدمُ حدَّثَنا شُعبةُ حدَّثَنا محمدُ بنُ زيادٍ قال: سمعتُ أبا هُريرةَ رضيَ اللّهُ عنهُ يقول: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ـ أو قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ـ «صُوموا لِرُؤْيتهِ وأفطِروا لرُؤيته، فإن غُبِّيّ عليكم فأكملوا عِدَّةَ شَعبانَ ثلاثين».

"وحدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ. فَإِنْ غُمِّيَ عَلَيْكُمُ الشَّهْرُ فَعُدُّوا ثَلاَثِينَ».

من المناسب ملاحظة أن بداية هذه الأحاديث السالفة الذكر هي ذاتها بداية كل الأحاديث الأخرى المتعلقة بالصيام تقريباً. و لكن هذه الأحاديث المتفقة في بداياتها هي ذاتها مختلفة في نهاياتها, و ذلك في القسم المتعلق بإكمال العدة, فعلى ما يبدو أن الرواة بطريقة أو بأخرى أضافوا شروحهم إلى الأحاديث و لم يكتفوا بالتوقف عند الكلمات التي أنهى النبي (ص) بها حديثه. مع الأخذ بعين الإعتبار أن بعض هذه الأحاديث ليست أحاديث صحيحة كما يعتقد.
كما أنه من المهم ملاحظة أن كلاً من الحديثين الواردين في الإستدلال السابق روي في البخاري و مسلم عن طريق أبي هريرة عن محمد بن زياد. و أن المقطع الأول من الحديث هو نفسه في الروايتين, أما المقطع الأخير فمختلف.
نرى أن رواية البخاري: فإن غُبِّيّ عليكم فأكملوا عِدَّةَ شَعبانَ ثلاثين». أما رواية مسلم: فَإِنْ غُمِّيَ عَلَيْكُمُ الشَّهْرُ فَعُدُّوا ثَلاَثِينَ»".
فنلاحظ هنا أولاً: أن الفعل الذي ورد في رواية البخاري غُبِّيّ عليكم بينما الفعل الذي ورد في رواية مسلم هو
غُمِّيَ عَلَيْكُمُ الشَّهْرُ و هو مختلف قليلاً في المعنى.

ثانياً: روى البخاري: " فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" و روى مسلم:" فعدوا ثلاثين " دون استخدام العبارة الواردة في رواية البخاري والتي تنبه إلى الإكمال ثلاثين لشهر شعبان. باللإضافة إلى أن بعض هذه الأحاديث تقول بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً, بينما البعض الآخر يقول بإكمال عدة شهر رمضان أيضاً.

روى الإمام أحمد عدد من هذه الأحاديث:

"حدثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا إسماعيل أنا حاتم بن أبي صغيرة عن سماك بن حرب عن عكرمة قال: سمعت ابن عباس يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن حال بينكم وبينه سحاب فكمِّلوا العدة ثلاثين ، ولا تستقبلوا الشهر إستقبالاً » . قال حاتم : يعني عدة شعبان".

يبدوا أن حاتم ذكر فهمه للحديث هنا أيضاً:

"حدثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن حال دونه غيابة فأكملوا العدة ، والشهر تسع وعشرون ـ يعني : إنه ناقص".

من اللطيف هنا ملاحظة أن كلا الحديثين المذكورين آنفاً رويا عن طريق ابن عباس. كما أنه من الجدير بالذكر أن الإمام أحمد أورد سلسلة الرواة ذاتها من سماك و عكرمة ولكن مرة أخرى النهايات مختلفة؛ القسم الأخير مختلف تماماً. فالقسم الأخير في الحديث الأول هو " فإن حال بينكم و بينه سحاب فكمِّلوا العدة ثلاثين و لا تستقبلوا الشهر استقبالاً". قال حاتم : يعني عدة شعبان
بينما القسم الأخير من الحديث الثاني هو: " فإن حال دون غيابة فأكملوا العدة, و الشهر تسع وعشرون_ يعني: إنه ناقص".
في كلا الحديثين السابقين نجد أن الراوي يشرح الكلام يقوله " يعني " .

"حدّثنا عبد الله ، حدَّثني أبي ، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي قال: ثنا الحجاج ، عن عطاء ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم الشهر، فأكملوا العدة ثلاثين".

"حدّثنا عبد الله ، حدَّثني أبي ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة قال: ثنا محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم، فأكملوا العدة ثلاثين".

"حدَّثنا عبد الله ، حدَّثني أبي ، حدثنا حجاج قال: حدثنا شعبة ، عن محمد بن زياد ، قال: سمعت أبا هريرة قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ـ أو قال: أبو القاسم عليه الصلاة والسلام: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم، فعدوا ثلاثين".

هذه الأحاديث الثلاثة وردت عند الإمام أحمد عن أبي هريرة, إثنين منهما عن طريق محمد ين زياد و الآخر عن طريق عطا.

مهم أن نلاحظ هنا: أن القسم الأخير في هذه الروايات الثلاثة مختلف أيضاً عما جاء يه البخاري الذي أورد حديثه عن أبي هريرة عن محمد بن زياد. فإن رواية البخاري هي فإن غُبِّيّ عليكم فأكملوا عِدَّةَ شَعبانَ ثلاثين. الفعل ( غبي ) بدلاً من الفعل ( غم ) و أيضاً عبارة " أكملوا عدة شعبان ثلاثين " بدلاً من رواية أحمد التي تقول:
" أكملوا العدة ثلاثين " أو " فعدوا ثلاثين ".

إضافة إلى ذلك فإن هذه الروايات الثلاثة السابقة و التي هي روايات أحمد عن أبي هريرة تحمل بعض الإختلافات,
فالحديث الأول و الثاني نجد عبارة " فأكملوا العدة ثلاثين " هي أمر من النبي ( ص). و نجد أن الحديث الأول يقول:" فإن غم عليكم الشهر " بينما الحديث الثاني يقول: " فإن غم عليكم ".

و نجد أن الفرق بين الحديثين الثاني والثالث, أن الحديث الثاني يأتي بعبارة: " فأكملوا العدة ثلاثين " بينما الحديث الثالث يأتي بعبارة: " فعدوا ثلاثين " في نفس الوقت الذي تأتي عبارة " فإن غم عليكم " في كلا الحديثين.

حدّثنا عبد الله ، حدَّثني أبي ، حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد قال: حدَّثني أبي ، قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة ، عن محمد بن زياد ، قال: سمعت أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروا الهلال، وقال: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم، فعدوا ثلاثين». شعبة، وأكثر علمي أنه قال: لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروا الهلال .

إن ملاحظة شعبة قد جاءت في نهاية الحديث, و من غير الواضح ما المقصود بقوله عندما قال: " وأكثر علمي أنه قال لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه ". فما قصده بقول ( أنه قال ) هل المقصود أن النبي ( ص ) هو الذي قال أم أن محمد بن زياد هو الذي ( قال ) أو ربما هو أبو هريرة. و نعتقد أن شعبة في ملاحظته ( و أكثر علمي أنه قال لا تصوموا حتى تروه.... ) كان واعياً للإختلاف بين الروايات المتنوعة في القسم الأخير منها.

إذاً فعود على بدء, كما قلنا سابقاً أن القسم الأول من الأحاديث لا خلاف فيه سواء بورود صيغتي النفي و الإيجاب. بينما القسم الأخير هو الذي عليه الخلاف . و معظم الروايات و الكلمات الواردة في هذا القسم من الحديث تختلف عن رواية البخاري و تتفق مع روايه مسلم.

الأحاديث التالية ستبين أيضاً بعض التنوعات و الإختلافات في متون هذه الأحاديث.

" قال عبد الله: وجدت هذين الحديثين في كتاب أبي بخط يده قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا الشهر ـ يعني رمضان ـ بيوم ولا يومين إلا أن يوافق ذلك صوماً كان يصومه أحدكم، صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين، ثم أفطروا".

إستخدام عبارة ( يعني رمضان ) في الرواية السابقة تدل على أن الراوي كان يشرح شيئاً, أو يقدم فهمه الشخصي للموضوع, و أنه لم يقتصرفقط على نقل حديث الرسول ( ص ) كما هو. إضافة إلى ذلك نجد أن هذه الرواية تضيف وجوب إكمال أو عد شهر رمضان ثلاثين يوماً. هذا الذي ما وجدناه وارداً في الأحاديث السابقة.

"حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى أنا محمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عزَّ وجلَّ جعل هذه الأهلة مواقيت للناس، صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأتموا العدة".

"حدّثنا عبد الله ، حدَّثني أبي ، حدثنا يحيى ، عن شعبة ، قال: حدثنا محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وإن غم عليكم، فأكملوا العدة ثلاثين".

"حدّثنا عبدالله حدَّثني أبي حدثنا يحيى بن زكريا قال: أنبانا حجاج عن حسين بن الحارث الجدلي قال: «خطب عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب في اليوم الذي يشك فيه، فقال: ألا أني قد جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألتهم، ألا وأنهم حدَّثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته، وإن تشكوا لها فإن غم عليكم فأتموا الثلاثين، وإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا".

في هذه الأحاديث نرى أن هناك العديد من القضايا الإضافية المذكورة. فهي تتعرض لموضوع صيام يوم الشك مستخدمة فعل ( و إن تشكو لها ). و بدلاً من استخدام فعل ( أكملوا أو عدوا ) استخدمت الأحاديث فعل ( أتموا).
و أخيراً تتحول الأمور إلى نقاش فقهي حول عدد الشهود المطلوب _ واحد أم اثنان _.
فمثلا في رواية زيد بن الخطاب يذكر أن المطلوب شاهدين إثنين كما يرى الإمام مالك, بدلاً من شاهد واحد.

أما في حديث عبد الرحمن بن زياد فإننا نلاحظ أنه لم يذكر اسم الصحابي الذي روى عنه بل اكتفى بأن قال أنه سمع هذا الحديث من أحد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.

"حدّثنا عبد الله ، حدَّثني أبي ، حدثنا حماد ، حدثنا حماد بن سلمة ، أنبانا محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة ، يقول: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: «صوموا الهلال لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين".

من المهم ملاحظة أن ابن زياد روى عن أبي هريرة أيضاً و بنفس السلسلة التي ذكرت سابقاً في رواية البخاري, لكن متن الحديث ليس واحداً بالضبط. هذا الحديث أضاف كلمة ( الهلال ) قبل كلمة ( لرؤيته ). و استخدم عبارة ( غم عليكم ) بدلاً من ( غبي عليكم ). و أخيراً استخدم فعل ( عدوا ثلاثين ) بدل ( فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ) الواردة في رواية البخاري. كما أنه مختلف عن رواية مسلم كذلك, حيث ذكر كلمة ( الهلال ) قبل ( لرؤيته ) و كلمة الهلال هذه لم ترد في رواية مسلم. الأمر الثاني هو استخدام عبارة ( غم عليكم ) بدلاً من عبارة مسلم ( غمي عليكم الشهر)
"حدّثنا عبد الله حدَّثني أبي حدثنا سليمان بن داود الطيالسي ـ أبو داود ـ أنبانا عمران عن قتادة عن الحسن عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ـ يعني ـ «صوموا الهلال لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم، فأكملوا العدة ثلاثين، والشهر هكذا وهكذا، وهكذا، وعقد".

و استخدامه كلمة (يعني ) في هذا المقام تدل على أن راوي الحديث لا يروي الكلمات الأصلية من الراوي الحقيقي للحديث. حيث يبدو أن هذه الرواية قد تغيرت نوعاً ما عن الرواية الأصلية. كما أن هذه الرواية أضافت: ( و الشهر هكذا و هكذا و هكذا و عقد )

"حدثنا أبو كُرَيْبٍ حدثنا عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ عن محمدِ بنِ عَمْروٍ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هريرةَ ، قال: قال النبيُّ «لا تَقَدمُوا الشَّهْرَ بِيَوْمٍ ولا بِيَوْمَيْنِ إلا أنْ يُوَافِقَ ذلِكَ صَوْماً كانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُم. صُومُوا لِرُؤْيتِهِ وأَفْطِرُوا لِرُؤْيتِهِ فإِن غُمَّ عَلَيْكُم فعُدُّوا ثلاثينَ ثُمَّ أفْطِرُوا
قال: وفي البابِ عن بعضِ أصحابِ النبيِّ (أخبرنا مَنْصُورُ بنُ المُعْتَمِرِ عن رِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ عن بعضِ أصحابِ النبيِّ عَنِ النَّبيِّ بِنَحْوِ هذا.
قال أبو عيسى: حديثُ أبي هريرةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. والعملُ على هذا عِنْدَ أهلِ العلمِ: كَرِهُوا أن يَتَعَجَّلَ الرَّجُلُ بِصِيَامٍ قَبْلَ دُخُولِ شهْرِ رَمَضَانَ لِمَعْنَى رَمَضَانَ وإنْ كانَ رَجُلٌ يَصُومُ صَوْماً فَوَافَقَ صِيَامُهُ ذلِكَ فلا بأسَ به عندَهُم".

نجد في هذا الحديث التأكيد على إتمام عدة رمضان ثلاثين يوماً بدلاً من إكمال عدة شعبان والتي وردت عند غالبية الرواة, كما نجد أيضاً أن الحديث يتطرق إلى قضية صيام يوم الشك حلال أم حرام.

"حدثنا قُتَيْبَةُ ، حدثنا أبو الأحْوَصِ عن سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ عن عِكْرِمَةَ عن ابنِ عباسٍ ، قال: قال رسولُ الله «لا تَصُومُوا قَبْلَ رَمَضَانَ، صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فإنْ حَالَتْ دُونَهُ غَيَابَةٌ فأكْمِلُوا ثلاثين يَوْماً
وفي البابِ عن أبي هريرةَ وأبي بَكْرَةَ وابنِ عُمَرَ.
قال أبو عيسى: حديثُ ابنِ عبَّاسٍ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وقد رُوِيَ عنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْه". ٍ

"حدّثنا عبدُاللَّهِ بنُ سعيدٍ ثَنَا إسماعيلُ بنُ عليةَ ، ثَنَا حاتمُ بنُ أبي صغيرةَ ، عن سماكِ بنِ حربٍ ، قالَ: أصبحتُ في يومٍ قد أشكلَ عليَّ من شعبانَ أو من شهرِ رمضانَ، فأصبحتُ صائماً فأتيتُ عكرمةَ فإذا هوَ يأكُلُ خبزاً وبقلاً، فقالَ: هلمَّ إلى الغداءِ فقلتُ: إني صائمٌ فقالَ: أُقْسِمُ باللَّهِ لَتُفْطِرَنَّ، فلما رأيتُهُ حلفَ ولا يستثني تقدَّمْتُ فعذّرت وإنما تسحرتُ قبيلَ ذَلِكَ ثُمَّ قلتُ هاتِ الآنَ ما عندَكَ فقالَ: حدَّثَنَا ابنُ عباسٍ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيتهِ وأَفطِروا لرؤيتِهِ، فإنْ حالَ بينَكُم وبينَهُ سحابٌ فكمّلوا العدةَ ثلاثينَ، ولا تستقبلوا الشهرَ استقبالاً».

"حدثنا مُحمَّدُ بنُ الصَّباحِ الْبَزَّازُ أخبرنا جَرِيرُ بنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيُّ عنْ مَنْصُورٍ بن المُعْتَمَرِ عن رِبْعيِّ بن حِراشٍ عن حُذَيْفَةَ ، قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُقَدِّمُوا الشَّهْرَ حتى تَرَوْا الهِلاَلَ أوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثُمَّ صُومُوا حتى تَرَوْا الهِلاَلَ أوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ» . قالَ أَبُو دَاوُدَ: «رَوَاهُ سُفْيَانُ وَغَيْرُهُ عن مَنْصُورٍ عن رَبِعْيِّ عن رَجُلٍ من أصحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُسَمِّ حُذَيْفَةَ".

"حدثنا الْحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ أخبرنا حُسَيْنٌ عن زَائِدَةَ عن سِمَاكٍ عن عِكْرِمَةَ عن ابن عَبَّاسٍ ، قال قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُقَدِّمُوا الشَّهْرَ بِصِيَامِ يَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إلاَّ أن يَكُونَ شَيْءٌ يَصُومُهُ أحَدُكُمْ وَلا تَصُومُوا حتى تَرَوْهُ ثُمَّ صُومُوا حتَّى تَرَوْهُ، فَإنْ حَال دُونَهُ غَمَامَةٌ فَأَتِمَّوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ. ثُمَّ أفْطِرُوا وَالشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ» . قالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ حاتِمُ بنُ أبي صَغِيرَةَ وَشُعْبَةُ وَالْحَسَنُ بنُ صالِحٍ عن سِمَاكٍ بِمَعْنَاهُ لَمْ يَقُولوا ثُمَّ أفْطِرُوا. قالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُو حاتِمُ بنُ مُسْلِمِ بنِ أبِي صَغِيرَةَ وَأبُو صَغِيرَةَ زَوْجُ أُمِّهِ".

إنه من الواضح في الروايات السابقة أن عدداً من الإضافات كانت قد أضيفت إلى الروايات التي تعود إلى نفس الصحابة في نفس السلسلة ( سلسلة الإسناد ). كل هذه الروايات تتفق على الدلالة السلبية والإيجابية لعبارة ( صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته ). و من ناحية أخرى هناك إختلافات شديدة في الروايات. فبعض الرواة ليسوا متأكدين من اسم الصحابة أو على الأقل لم يذكروا أسماء بعضهم كحديث حذيفة. على سبيل المثال في الحديث السابق في الدرامي.

"أخبرنا الحسينُ بنُ إدريس الأنصاريُّ ، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ ، قال: حدَّثنا جريرٌ ، عن منصورٍ ، عَنْ ربعيِّ بنِ حِراشٍ عن حذيفةَ ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّه «لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ حتَّى تَرَوُا الهِلالَ، أو تُكمِلُوا العِدَّةَ، ثُمَّ صُوموا حتَّى تَرَوُا الهِلَال أو تُكْمِلُوا العِدَّةَ».

"وأخبرنا أبو علي الرُّوْذَبَارِيُّ أنبأ محمد بن بكر ثنا أبو داودَ حدثنا الحسن بن علي ثنا حسين عن زائدة عن سِمَاكٍ عن عِكْرِمَةَ عن ابنِ عباسٍ قالَ: قالَ رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَقَدَّمُوا الشهرَ بصيامِ يومٍ ولا يومينِ، إلاَّ أَنْ يكونَ شيئاً يصومُهُ أحدُكُمْ، ولا تصومُوا حتَّى تَرَوْهُ، ثم صومُوا حتَّى تَروهُ، فإنْ حالَ دونَهُ غمامَةٌ، فأتِمُّوه العِدَّةَ ثلاثينَ ثم أَفْطِرُوا ثم أَفْطِرُوا، الشهرُ تِسع وعشرونَ».
قال أبو داودَ: ورواه حاتمُ بنُ أبِي صَغِيْرَةَ وشعبةُ والحسنُ بن صالح عن سِمَاكٍ بمعناهُ لم يقولوا: «ثم افطروا.
(قال الشيخ) ورواه أبو عَوَانَةَ عن سِمَاكٍ مختصراً فَجَعَلَ إكْمَالَ العِدَّةِ لشعبانَ".

لقد قمت بذكر كثير من الأحاديث المتعلقة بالمسألة موضوع البحث و التي وردت في كتب الأحاديث المعروفة. كما أشرت إلى التنوعات و الإختلافات بين الروايات المختلفة. و يتضح من خلال هذه الأحاديث ما أوردناه سابقاً من التوافقات لبدايات الأحاديث و الإختلافات في نهاياتها أو في المقاطع الأخيرة منها "فإن غم عليكم". حيث نرى مرة أخرى أن هذه الإختلافات تقع حتى في الأحاديث المروية بالسند الواحد و بالرواية الواحدة.

لهذا و كما يقول الدكتور أحمد شفاعت فإنه من المحتمل أن يكون الإختلاف في المقطع الأخير من هذه الأحاديث يعود إلى أن الرواة كانوا قد أضافوا كلامهم الشخصي لتوضيح الحديث أو لعرض فهمهم الخاص له, و لم يكتفوا فقط بنقل الرواية صافية بالضبط كما قالها النبي ( ص ). ”

كما ذكرالدكتور أن الإختلاف في أحاديث البخاري في هذا الباب و خاصة الروايات المروية عن إبن عمر هو نتيجة إلي بعض الإضافات أو التبديلات التي طرأت على هذه الأحاديث قبل وصولها لإمام البخاري.

على أنه يحب التوضيح هنا أن هذه الإضافات الواردة قد جاءت بقصد التوضيح و ليس بقصد التحريف أو التبديل في كلامه ( ص ). ذلك بأن هؤلاء العلماء الأجلاء فوق كل شك, اذاً فهو تغيير غير مقصود.

نعود إلي موضوع إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً أو اكمال عدة رمضان ثلاثين في حالة الطقس الغائم أو في حالة عدم و ضوح الرؤية هو الرأي المتبنى عند جمهور العلماء. ففي رأي هذه الجمهرة من الفقهاء هناك فقط أسلوبان صحيحان للتأكد من صحة الشهور الإسلامية, و هما إما الرؤية البصرية و إما إكمال العدة .

دعونا هنا نذكر أن القسم المتعلق بالرؤية البصرية في أحاديث الواردة في الباب متفق عليه سواءً ورد بصيغته السلبية أو الإيجابية. بينما القسم الأخير و المتعلق بإكمال عدة الشهر هو الذي يدور حوله قسم كبير من الخلاف كما رأينا. على أن هذه الروايات المختلفة هي نفسها القاعدة التي اعتمد عليها جمهور العلماء لتفسير و تحديد معنى ( فاقدوا له ) في رواية ابن عمر كما سنرى في الصفحات القادمات. فقد فسر الفقهاء عبارة ( فإن غم عليكم فاقدوا له ) الواردة في رواية ابن عمر أن معناها عدوا له ثلاثين يوماً و ليس معناها عدوا و احسبوا, و هو المعنى الحرفي الذي يظهر في الرواية. و هذا ما قاله الإمام النووي:

"وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِالرِّوَايَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ : فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ وَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ , وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِرِوَايَةِ فَاقْدُرُوا لَهُ الْمُطْلَقَةِ".

من المناسب هنا لفت الأنظار إلى أنه ليس هناك إجماع بين الفقهاء على تفسير عبارة ( فاقدروا له ). حيث نجد أن الإمام أحمد فسر هذه العبارة بقوله: " معناه ضيقوا له و قدروه تحت السحاب.

"{فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ } فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَطَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ : مَعْنَاهُ ضَيِّقُوا لَهُ وَقَدِّرُوهُ تَحْتَ السَّحَابِ".

و ذكر الإمام النووي بنفسه أن الإمام أحمد و بعض العلماء الآخرين قالوا بأن المعنى ليس الإكمال إلى الثلاثين بل المعنى هو التضييق أو التقليل و اعتبار الشهر تسع و عشرون يوماً و بأن القمر قد ولد و لكن مغطى بالغمام. لذلك أكد الإمام أحمد أن رمضان في حالة الإغمام و عدم وضوح الرؤية يجب أن يكون بعد اليوم التاسع و العشرين من شعبان. فنرى هنا أنه بالنسبة للإمام أحمد أن تضييق شعبان و اعتباره تسع و عشرين يوماً في حالة عدم وضوح الرؤية هو المقصود بقوله ( ص ): " فاقدروا له ". كما ذكر ابن داوود أن هذا كان فعل ابن عمر نفسه اعتمادا على الأساس ذاته في تفسير كلمة ( فاقدوا له ).

"حدثنا سُلَيْمانُ بنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ أخبرنا حَمَّادٌ أخبرنا أيُّوبُ عن نَافِعٍ عن ابن عُمَرَ ، قال قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ. فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلاَثِينَ. قالَ: فَكَانَ ابنُ عُمَرَ إذَا كان شَعْبَانُ تِسْعاً وَعِشْرِينَ نُظِرَ لَهُ فَإن رُئِيَ فَذَاكَ وَإن لَم يُرَ وَلَمْ يَحُلْ دُون مَنْظَرِهِ سَحَابٌ وَلاَ قَتَرَةٌ أصْبَحَ مُفْطِراً، فَإنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أوْ قَتَرَةٌ أصْبَحَ صَائِماً. قال وَكَانَ ابنُ عُمَرَ يُفْطِرُ مَعَ النَّاسِ وَلاَ يَأْخُذُ بِهذَا الحِسَابِ".

كذلك روى البيهقي:
"أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا محمد بن يعقوبَ هو الشَّيْبَانِيُّ ثنا محمد بن شَاذَانَ الأَصَمُّ ثنا عليُّ بنُ حُجْرٍ ثنا إسمعيلُ عن أيوبَ (ح وأخبرنا) أبو الحسن علي بن محمد المقرىءُ أنبأ الحسن بن محمد بن إسحاقَ ثنا يوسفَ بنُ يعقوبَ ثنا سليمانُ بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوبَ عن نافعٍ عن ابنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّمَا الشَّهْرُ تِسْعٌ وعشرونَ فلا تَصُوْمِوا حتَّى تَرَوْهُ ولا تُفْطْرُوا حتَّى تَرَوْهُ، فإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فاقْدِرُوا لَهُ».

Muhammad Syafii Tampubolon | Buat Lencana Anda
Share this article :

0 komentar:

Speak up your mind

Tell us what you're thinking... !

Subscribe via RSS Feed If you enjoyed this article just click here, or subscribe to receive more great content just like it.
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Proudly powered by Blogger
Copyright © 2011. Templat mirip Yahoo - All Rights Reserved
Template Design by Creating Website Published by Mas Template